_أدلة التحريم من القرآن :
قال حبر الأمة ابن عباس رضي الله عنهما: هو الغناء،
وقال مجاهد رحمه الله:
اللهو: الطبل (تفسير الطبري)
وقال الحسن البصري_ رحمه الله:
"نزلت هذه الآية في الغناء والمزامير" تفسير ابن كثير
قال ابن القيم_ رحمه الله:
"ويكفي تفسير الصحابةوالتابعين للهو الحديث بأنه الغناء فقد صح ذلك عن ابن عباس وابن مسعود،
قال أبو الصهباء: سألت ابن مسعود عن قوله تعالى: { وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ}،
فقال: والله الذي لا إله غيره هو الغناء يرددها ثلاث مرات-، وصح عن ابن عمر رضي الله عنهما أيضا أنه الغناء.." _إغاثة اللهفان لابن القيم
وكذلك قال جابر وعكرمة وسعيد بن جبير ومكحول وميمون بن مهران وعمرو بن شعيب وعلي بن بديمة وغيرهم في تفسير هذه الآية الكريمة.
قال الواحدي _رحمه الله: وهذه الآية على هذا التفسير تدل على تحريم الغناء _إغاثة اللهفان
ولقد قال الحاكم في مستدركه عن تفسير الصحابي:
"ليعلم طالب هذا العلم أن تفسير الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل عند الشيخين حديث مسند".
وقال الإمام ابن القيم_رحمه الله في كتابه إغاثة اللهفان معلقا على كلام الحاكم:
"وهذا وإن كان فيه نظر فلا ريب أنه أولى بالقبول من تفسير من بعدهم، فهم أعلم الأمة بمراد الله من كتابه، فعليهم نزل وهم أول من خوطب به من الأمة، وقد شاهدوا تفسيره من الرسول علما وعملا، وهم العرب الفصحاء على الحقيقة فلا يعدل عن تفسيرهم ما وجد إليه سبيل".
وقال تعالى:
{وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُم بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ ۚ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا} [سورة الإسراء:64].
جاء في تفسير الجلالين:
(واستفزز): استخف،
(صوتك): بدعائك بالغناء والمزامير وكل داع إلى المعصية وهذا أيضا ما ذكره ابن كثير والطبري عن مجاهد.
وقال القرطبي في تفسيره: "في الآية ما يدل على تحريم المزامير والغناء واللهو.. وما كان من صوت الشيطان أو فعله وما يستحسنه فواجب التنزه عنه".
و قال تعالي:
{وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا} [الفرقان: 72].
وقد ذكر ابن كثير في تفسيره ما جاء عن محمد بن الحنفية أنه قال:
الزور هنا الغناء، وجاء عند القرطبي والطبري عن مجاهد في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ}
قال: لا يسمعون الغناء.
وجاء عن الطبري في تفسيره:
"قال أبو جعفر: وأصل الزور تحسين الشيء، ووصفه بخلاف صفته، حتى يخيل إلى من يسمعه أو يراه، أنه خلاف ما هو به، والشرك قد يدخل في ذلك لأنه محسن لأهله، حتى قد ظنوا أنه حق وهو باطل، ويدخل فيه الغناء لأنه أيضا مما يحسنه ترجيع الصوت حتى يستحلي سامعه سماعه" _تفسير الطبري
وفي قوله عز وجل:
{وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا}
قال الإمام الطبري في تفسيره:
(وإذا مروا بالباطل فسمعوه أو رأوه، مروا كراما. مرورهم كراما في بعض ذلك بأن لا يسمعوه، وذلك كالغناء).
أدلة التحريم من السنة :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
« ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف، ولينزلن أقوام إلى جنب علم، يروح عليهم بسارحة لهم، يأتيهم لحاجة، فيقولون: ارجع إلينا غدا، فيبيتهم الله، ويضع العلم، ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة»
_رواه البخاري تعليقا برقم 5590، ووصله الطبراني والبيهقي، وراجع السلسلة الصحيحة للألباني 91
وقد أقرّ بصحة هذا الحديث أكابر أهل العلم منهم الإمام ابن حبان، والإسماعيلي، وابن صلاح، وابن حجر العسقلاني، وشيخ الإسلام ابن تيمية، والطحاوي، وابن القيم، والصنعاني، وغيرهم كثير.
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله:
"ولم يصنع من قدح في صحة هذا الحديث شيئا كابن حزم نصرة لمذهبه الباطل في إباحة الملاهي، وزعم أنه منقطع لأن البخاري لم يصل سنده به". وقال العلامة ابن صلاح رحمه الله: "ولا التفات إليه _أي ابن حزم
في رده ذلك.. وأخطأ في ذلك من وجوه.. والحديث صحيح معروف الاتصال بشرط الصحيح" _غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب لإمام السفاريني
وفي الحديث دليل على تحريم آلات العزف والطرب من وجهين:
_أولاهما:
قوله صلى الله عليه وسلم: "يستحلون":
فإنه صريح بأن المذكورات ومنها المعازف هي في الشرع محرمة، فيستحلها أولئك القوم.
_ثانيًا:
قرن المعازف مع ما تم حرمته وهوالزنا والخمر والحرير، ولو لم تكن محرمة - أي المعازف - لما قرنها معها" _السلسلة الصحيحة للألباني 1/140-141 بتصرف.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية _رحمه الله:
فدل هذا الحديث على تحريم المعازف، والمعازف هي آلات اللهو عند أهل اللغة، وهذا اسم يتناول هذه الآلات كلها" _المجموع
وروى الترمذي في سننه عن جابر رضي الله عنه قال:
«خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عبد الرحمن بن عوف إلى النخيل، فإذا ابنه إبراهيم يجود بنفسه، فوضعه في حجره ففاضت عيناه، فقال عبد الرحمن: أتبكي وأنت تنهى عن البكاء؟
قال: إني لم أنه عن البكاء، وإنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند نغمة لهو ولعب ومزامير شيطان، وصوت عند مصيبة: خمش وجوه وشق جيوب ورنة» _قال الترمذي: هذا الحديث حسن، وحسنه الألباني صحيح الجامع 5194
وقال صلى الله عليه وسلم:
«صوتان ملعونان، صوت مزمار عند نعمة، وصوت ويل عند مصيبة» _إسناده حسن، السلسلة الصحيحة 427
وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
«ليكونن في هذه الأمة خسف، وقذف، ومسخ، وذلك إذا شربوا الخمور، واتخذوا القينات، وضربوا بالمعازف» _صحيح بمجموع طرقه، السلسلة الصحيحة 2203
قال صلى الله عليه وسلم:
«إن الله حرم على أمتي الخمر، والميسر، والمزر، والكوبة، والقنين، وزادني صلاة الوتر» _صحيح، صحيح الجامع 1708.
الكوبة هي الطبل، أما القنين هو الطنبور بالحبشية _غذاء الألباب.
وروى أبو داوود في سننه عن نافع أنه قال:
«سمع ابن عمر مزمارا، قال: فوضع أصبعيه على أذنيه، ونأى عن الطريق، وقال لي: يا نافع هل تسمع شيئا؟ قال: فقلت: لا! قال: فرفع أصبعيه من أذنيه، وقال: كنت مع النبيصلى الله عليه وسلم، فسمع مثل هذا! فصنع مثل هذا» _حديث صحيح، صحيح أبي داوود 4116.
وعلق على هذا الحديث الإمام القرطبي قائلا:
"قال علماؤنا: إذا كان هذا فعلهم في حق صوت لا يخرج عن الاعتدال، فكيف بغناء أهل هذا الزمان وزمرهم؟!" _الجامع لأحكام القرآن للقرطبي
أقوال أئمة العلم:
قال الإمام عمربن عبد العزيز رضي الله عنه:
الغناء مبدؤه من الشيطان وعاقبته سخط الرحمن _غذاء الألباب.
ولقد نقل الإجماع على حرمة الاستماع إلى الموسيقى والمعازف جمع من العلماء منهم:
الإمام القرطبي وابن الصلاح وابن رجب الحنبلي. فقال الإمام أبو العباس القرطبي:
الغناء ممنوع بالكتاب والسنة وقال أيضا:
"أما المزامير والأوتار والكوبة (الطبل) فلا يختلف في تحريم استماعها ولم أسمع عن أحد ممن يعتبر قوله من السلف وأئمة الخلف من يبيح ذلك، وكيف لا يحرم وهو شعار أهل الخمور والفسوق ومهيج الشهوات والفساد والمجون؟
وما كان كذلك لم يشك في تحريمه ولا تفسيق فاعله وتأثيمه" _الزواجر عن اقتراف الكبائر لابن حجر الهيثمي.
وقال ابن الصلاح:
الإجماع على تحريمه ولم يثبت عن أحد ممن يعتد بقوله في الإجماع والاختلاف أنه أباح الغناء..
قال القاسم بن محمد_ رحمه الله:
الغناء باطل، والباطل في النار.
وقال الحسن البصري _رحمه الله:
إن كان في الوليمة لهو -أي غناء ولعب-، فلا دعوة لهم _الجامع للقيرواني.
قال النحاس_ رحمه الله:
هو ممنوع بالكتاب والسنة
وقال الطبري_رحمه الله:
وقد أجمع علماء الأمصار على كراهة الغناء، والمنع منه.
قال الإمام الأوزاعي_ رحمه الله:
لا تدخل وليمة فيها طبل ومعازف.
قال ابن القيم رحمه الله في بيان مذهب الإمام أبي حنيفة:
"وقد صرح أصحابه بتحريم سماع الملاهي كلها كالمزمار والدف، حتى الضرب بالقضيب، وصرحوا بأنه معصية توجب الفسق وترد بها الشهادة،
وأبلغ من ذلك قالوا:
إن السماع فسق والتلذذ به كفر، وورد في ذلك حديث لا يصح رفعه، قالوا ويجب عليه أن يجتهد في أن لا يسمعه إذا مر به أو كان في جواره" _إغاثة اللهفان
وروي عن الإمام أبي حنيفة أنه قال:
الغناء من أكبر الذنوب التي يجب تركها فورا.
وقد قال الإمام السفاريني في كتابه غذاء الألباب معلقا على مذهب الإمام أبي حنيفة:
وأما أبو حنيفة فإنه يكره الغناء ويجعله من الذنوب، وكذلك مذهب أهل الكوفة سفيان وحماد وإبراهيم والشعبي وغيرهم لا اختلاف بينهم في ذلك، ولا نعلم خلافا بين أهل البصرة في المنع منه"
وقد قال القاضي أبو يوسف تلميذ الإمام أبي حنيفة :حينما سئل عن رجل سمع صوت المزامير من داخل أحد البيوت فقال:
ادخل عليهم بغير إذنهم لأن النهي عن المنكر فرض.
أما الإمام مالك_رحمه الله :
فإنه نهى عن الغناء وعن استماعه،
وقال رحمه الله عندما سئل عن الغناء والضرب على المعازف:
"هل من عاقل يقول بأن الغناء حق؟
إنما يفعله عندنا الفساق" _تفسير القرطبي.
والفاسق في حكم الإسلام لا تقبل له شهادة ولا يصلي عليه الأخيار إن مات، بل يصلي عليه غوغاء الناس وعامتهم.
قال ابن القيم رحمه الله في بيان مذهب الإمام الشافعي _رحمه الله:
وصرح أصحابه -أي أصحاب الإمام الشافعي- العارفون بمذهبه بتحريمه وأنكروا على من نسب إليه حله كالقاضي أبي الطيب الطبري والشيخ أبي إسحاق وابن الصباغ_إغاثة اللهفان.
وسئل الشافعي رضي الله عنه عن هذا؟
فقال: أول من أحدثه الزنادقة في العراق حتى يلهوا الناس عن الصلاة وعن الذكر _الزواجر عن اقتراف الكبائر.
قال ابن القيم رحمه الله:
"وأما مذهب الإمام أحمد فقال عبد الله ابنه: سألت أبي عن الغناء فقال: الغناء ينبت النفاق بالقلب، لا يعجبني..
ثم ذكر قول مالك_رضي الله عنه:
إنما يفعله عندنا الفساق" _إغاثة اللهفان.
وسئل مالك_رضي الله عنه عن رجل مات وخلف ولدا وجارية مغنية فاحتاج الصبي إلى بيعها فقال:
تباع على أنها ساذجة لا على أنها مغنية، فقيل له: إنها تساوي ثلاثين ألفا، ولعلها إن بيعت ساذجة تساوي عشرين ألفا، فقال: لاتباع إلا أنها ساذجة.
قال ابن الجوزي_رحمه الله: وهذا دليل على أن الغناء محظور، إذ لو لم يكن محظورا ما جاز تفويت المال على اليتيم _الجامع لأحكام القرآن.
ونص الإمام أحمدرحمه الله على كسر آلات اللهو كالطنبور وغيره إذا رآها مكشوفة، وأمكنه كسرها _إغاثة اللهفان
قال شيخ الإسلام ابن تيمية _رحمه الله:
مذهب الأئمة الأربعة أن آلات اللهو كلها حرام... ولم يذكر أحد من أتباع الأئمة في آلات اللهو نزاعا _المجموع.
وقال أيضاً شيخ الإسلام ابن تيمية_رحمه الله:
فاعلم أنه لم يكن في عنفوان القرون الثلاثة المفضلة لا بالحجاز ولا بالشام ولا باليمن ولامصر ولا المغرب ولا العراق ولا خراسان من أهل الدين والصلاح والزهد والعبادة من يجتمع على مثل سماع المكاء والتصدية لا بدف ولا بكف ولا بقضيب وإنما أحدث هذا بعد ذلك في أواخر المائة الثانية فلما رآه الأئمة أنكروه" وقال في موضع آخر: "المعازف خمر النفوس، تفعل بالنفوس أعظم مما تفعل حميا الكؤوس_المجموع.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في بيان حال من اعتاد سماع الغناء:
ولهذا يوجد من اعتاده واغتذى به لا يحن على سماع القرآن، ولا يفرح به، ولا يجد في سماع الآيات كما يجد في سماع الأبيات، بل إذا سمعوا القرآن سمعوه بقلوب لاهية وألسن لاغية، وإذا سمعوا المكاء والتصدية خشعت الأصوات وسكنت الحركات وأصغت القلوب _المجموع.
قال الألباني _رحمه الله:
اتفقت المذاهب الأربعة على تحريم آلات الطرب كلها _السلسلة الصحيحة 1/145
قال الإمام ابن القيم_ رحمه الله:
إنك لا تجد أحدا عني بالغناء وسماع آلاته إلا وفيه ضلال عن طريق الهدى علما وعملا، وفيه رغبة عن استماع القرآن إلى استماع الغناء.
وقال أيضاً ابن القيم _رحمه الله عن الغناء:
فإنه رقية الزنا، وشرك الشيطان، وخمرة العقول، ويصد عن القرآن أكثر من غيره من الكلام الباطل لشدة ميل النفوس إليه ورغبتها فيه.
وقال أيضا الأمام ابن القيم_ رحمه الله:
حب القرآن وحب ألحان الغناء
في قلب عبد ليس يجتمعان
والله مـا سلـم الذي هو دأبـه
أبـدا مـن الإشـراك بـالرحمن
وإذا تـعـلق بـالسماع أصـاره
عــبـدا لــكـل فـلانـة وفــلان
وبذلك يتبين لنا أقوال أئمة العلماء وإقرارهم على حرمية الغناء والموسيقى والمنع منهما.
...... .......
الاستثناء:
ويستثنى من ذلك الدف -بغير خلخال- في الأعياد والنكاح للنساء..
وقد دلت عليه الأدلة الصحيحة، قال شيخ الإسلام رحمه الله:
ولكن رخص النبي صلى الله عليه وسلم في أنواع من اللهو في العرس ونحوه كما رخص للنساء أن يضربن بالدف في الأعراس والأفراح
وأما الرجال :
على عهده فلم يكن أحد على عهده يضرب بدف ولا يصفق بكف،
بل ثبت عنه في الصحيح أنه قال: التصفيق للنساء والتسبيح للرجال، ولعن المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء _المجموع.
وأيضا من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: دخل علي أبو بكر وعندي جاريتان من جواري الأنصار تغنيان بما تقاولت به الأنصار في يوم بعاث قالت وليستا بمغنيتين
فقال أبو بكر أبمزمور الشيطان في بيت النبي صلى الله عليه وسلم وذلك في يوم عيد الفطر فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا أبا بكر إن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا_صحيح، صحيح ابن ماجه 1540.
الرد على من استدل بحديث الجاريتين في تحليل المعازف:
قال ابن القيم _رحمه الله:
وأعجب من هذا استدلالكم على إباحة السماع المركب مما ذكرنا من الهيئة الاجتماعية بغناء بنتين صغيرتين دون البلوغ عند امرأة صبية في يوم عيد وفرح بأبيات من أبيات العرب في وصف الشجاعة والحروب ومكارم الأخلاق والشيم، فأين هذا من هذا،
والعجيب أن هذا الحديث من أكبر الحجج عليهم، فإن الصديق الأكبر رضي الله عنه سمى ذلك مزمورا من مزامير الشيطان، وأقره رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه التسمية، ورخص فيه لجويريتين غير مكلفتين ولا مفسدة في إنشادهما ولاستماعهما،
أفيدل هذا على إباحة ما تعملونه وتعلمونه من السماع المشتمل على ما لا يخفى؟!
فسبحان الله كيف ضلت العقول والأفهام_ مدارج السالكين.
وقال ابن الجوزي_ رحمه الله:
وقد كانت عائشة رضي الله عنها صغيرة في ذلك الوقت، ولم ينقل عنها بعد بلوغها وتحصيلها إلا ذم الغناء، قد كان ابن أخيها القاسم بن محمد يذم الغناء ويمنع من سماعه وقد أخذ العلم عنها _تلبيس إبليس
أولا:
قال تعالى:
{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا}
أكثر المفسرون على أن المراد بلهو الحديث هو الغناء، وقال ابن مسعود: هو الغناء، ويقول تعالى وهو يخاطب الشيطان:
{وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُم بِصَوْتِكَ}
قيل هو الغناء،
وقال عليه الصلاة والسلام: «ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير، والخمر والمعازف……» رواه البخاري.
ثانياً:
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية عن أضرار الغناء والموسيقى:
المعازف هي خمر النفوس تفعل أعظم مما تفعله الكؤوس، فإذا سكروا بالأصوات حل فيهم الشرك ومالوا إلي الفواحش وإلى الظلم، فيشركون ويقتلون النفس التي حرم الله ويزنون وهذه الثلاثة موجودة كثيرا في أهل سماع الأغاني،
إن سماع الأغاني والموسيقى لا يجلب للقلوب منفعة ولا مصلحة إلا وفي ضمن ذلك من الضلال والمفسدة ما هو أعظم منه، فهو للروح كالخمر للجسد، ولهذا يورث أصحابه سكرا أعظم من سكر الخمر، فيجدون لذة كما يجد شارب الخمر، بل أكثر وأكبر.
ثالثاً:
أما الغناء في الوقت الحاضر فأغلبه يتحدث عن الحبوالهوى والقبلة واللقاء ووصف الخدود والقدود وغيرها من الأمور الجنسية التي تثير الشهوة عند الشباب وتشجعهم على الفاحشة وتقضي على الأخلاق، ناهيك عن الذي يسمى بالفيديو كليب وما به من فواحش ومنكرات ورقص مائع ووجوه ملطخة تثير الشايب قبل الشاب، والمشاهد لهذه الأغاني المصورة يرى مدا اهتمام المخرج بالراقصات أكثر من المطرب نفسه، وهذا ليس مستغربا لأن إثارة المشاهد عندهم أهم من كلمات الأغنية وشكل المطرب.
وهؤلاء المطربين والمطربات الذين سرقوا أموال الشعوب باسم الفن وذهبوا بأموالهم إلى أوربا واشتروا الأبنية والسيارات الفاخرة قد أفسدوا أخلاق الشعوب بأغانيهم المائعة وافتتن الكثير من الشباب وأحبوهم من دون الله.
وأقول لكل من يسمع هذه الأغاني:
أتركها مرضاة لله سبحانه وتعالى وصدقني ستجد لذة في تركها واعتزازا بالنفس لم تشعر به من قبل، واستبدلها بأشرطة القرآن والخطب والأناشيد الإسلامية وحينئذ ستعرف الراحة النفسية والعاطفية الحقيقية.
رابعاً:
يقول ابن القيم _رحمه الله:
ما اعتاد أحد الغناء إلا ونافق قلبه وهو لا يشعر، ولو عرف حقيقة النفاق لأبصره في قلبه، فإنه ما اجتمع في قلب عبد قط محبة الغناء ومحبة القرآن، إلا وطردت إحداهما الأخرى…..
الخلاصة :
اجماع اﻹئمة واصحاب المذاهب الاربعة على تحريم الغناء
مذهب أبو حنيفة:
في ذلك من أشد المذاهب ، وقوله فيه من أغلظ الأقوال
وقد صرح أصحابه بتحريم سماع الملاهي كلها كالمزمار والدف..حتى الضرب بالقضيب ، وصرحوا بأنه معصية يوجب الفسق وترد بها الشهادة ،
وأبلغ من ذلك أنهم قالوا :
أن السماع فسق والتلذذ به كفر ، هذا لفظهم ، ورووا في ذلك حديثا لا يصح رفعه ،
قالوا : ويجب عليه أن يجتهد في أن لا يسمعه إذا مر به أو كان في جواره ،
وقال أبو يوسف في دار يسمع منها صوت المعازف والملاهي :
ادخل عليهم بغير إذنهم لأن النهي عن المنكر فرض ، فلو لم يجز الدخول بغير إذن لامتنع الناس من إقامة الفرض .
وسئل الإمام مالك _رحمه الله:
أََنتم تُرخصون في الغناء؟
فقال: معاذ الله! ما يفعل هذا عندنا إلا الفساق
قال ابن عبد البر _رحمه الله :
من المكاسب المجمع على تحريمها الربا ومهور البغايا والسحت والرشا وأخذا الأجرة على النياحة والغناء وعلى الكهانة وادعاء الغيب وأخبار السماء وعلى الزمر واللعب الباطل كله .
و في مذهب الإمام الشافعي_ رحمه الله :
وصرح أصحابه العارفون بمذهبه بتحريمه وأنكروا على من نسب إليه حله 20
وقد عد صاحب كفاية الأخبار ، من الشافعية ، الملاهي من زمر وغيره منكرا ، ويجب على من حضر إنكاره .
وقال : ولا يسقط عنه الإنكار بحضور فقهاء السوء ، فإنهم مفسدون للشريعة ، ولا بفقراء الرجس - يقصد الصوفية لأنهم يسمون أنفسهم بالفقراء - فإنهم جهلة أتباع كل ناعق ، لا يهتدون بنور العلم ويميلون مع كل ريح
و في مذهب الإمام أحمد_رحمه الله:
فقال عبد الله ابنه : سألت أبي عن الغناء فقال : الغناء ينبت النفاق بالقلب ، لا يعجبني ، ثم ذكر قول مالك : إنما يفعله عندنا الفساق.
وقال ابن قدامة - محقق المذهب الحنبلي - رحمه الله :
الملاهي ثلاثة أضرب ؛ محرم ، وهو ضرب الأوتار والنايات والمزامير كلها ، والعود والطنبور والمعزفة والرباب ونحوها ، فمن أدام استماعها ردت شهادته
وقال ابن قدامة_ رحمه الله :
وإذا دعي إلى وليمة فيها منكر ، كالخمر والزمر ، فأمكنه الإنكار ، حضر وأنكر ، لأنه يجمع بين واجبين ،
وإن لم يمكنه لا يحضر
وقال رحمه الله : ان الرجال الذين يضربوا الطبل مخانيث
قال شيخ الإسلام ابن تيمية_ رحمه الله :
مذهب الأئمة الأربعة أن آلات اللهو كلها حرام ، ثبت في صحيح البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه سيكون من أمته من يستحل الحر والحرير والخمر والمعازف ، وذكر أنهم يمسخون قردة وخنازير ، .. ولم يذكر أحد من أتباع الأئمة في آلات اللهو نزاعا
وقال ابن تيمية _رحمه الله :
والمعازف خمر النفوس ، تفعل بالنفوس أعظم مما تفعل حميا الكؤوس
قال الإمام ابن باز_رحمه الله :
والمعازف هي الأغاني وآلات الملاهي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه يأتي آخر الزمان قوم يستحلونها كما يستحلون الخمر والزنا والحرير وهذا من علامات نبوته صلى الله عليه وسلم فإن ذلك وقع كله والحديث يدل على تحريمها وذم من استحلها كما يذم من استحل الخمر والزنا والآيات والأحاديث في التحذير من الأغاني وآلات اللهو كثيرة جداً ومن زعم أن الله أباح الأغاني وآلات الملاهي فقد كذب وأتى منكراً عظيماً نسأل الله العافية من طاعة الهوى والشيطان وأعظم من ذلك وأقبح وأشد جريمة من قال إنها مستحبة ولا شك أن هذا من الجهل بالله والجهل بدينه بل من الجرأة على الله والكذب على شريعته .
قال الألباني _رحمه الله :
اتفقت المذاهب الأربعة على تحريم آلات الطرب كلها .
قال الطبري _رحمه الله :
فقد أجمع علماء الأمصار على كراهة الغناء والمنع منه .
وهو القائل بعد هذا :
قال ابو الفرج وقال القفال من أصحابنا : لا تقبل شهادة المغني والرقاص ، قلت : وإذا ثبت أن هذا الأمر لا يجوز فأخذ الأجرة عليه لا تجوز
وقال ابن رجب في نزهة الأسماع :
فإذا كان الشافعي –رحمه الله قد أنكر الضرب بالقضيب وجعله من فعل الزنادقة، فكيف يكون قوله في آلات اللهو المطربة؟!.
وقال :وأما في سماع آلات اللهو فلم يحك فيه خلافا.
وقال وقد حكى أبو بكر الآجري إجماع العلماء على ذلك
وقد نقل ابن مفلح في الفروع (6 94) عن القاضي عياض أنه ذكر الإجماع على كفر مستحل الغناء
وقال ابن يوسف الكافي التونسي في (المسائل الكافية):
المسألة الثامنة والخمسون:
حرمة الغناء وأخذ الأجرة عليه معلومة من دين الإسلام، فمن استباح ذلك يكفر لاستباحته ما حرم شرعا
وقال ابن المنذر_رحمه الله:
أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم على إبطال أجرةالنائحةوالمغني